نظرت في الأفق البعيد فلم أرى سوى صورة المحبوب هذا الحبيب الذي ارتضاه الله تعالى واجتباه ليكون خليفة له على الخليقة , فسخ كل ما بداخلي ولم يبقى سواه , لقد جذبني نحوه بقوة وشدة رافقتها أيدي الحنان واللطف , لقد أصبحت أحس وأنا مريده وحبيبه بأني طفل رضيع لم يفطم بعد وأني أصرخ باسمه كلما أحست عواطفي ومشاعري بالجوع والظمأ , ناديت عليه مرارا فلم يجب ندائي , استنجدت به من هول ما أعانيه من عذاب وألم الحب تجاهه فلم ينجدني , فجأة أحسست به يناديني من وراء الأفق أن أصبر وجد لك متنفسا , دم على ما أنت عليه فغيرك يبحث عن حلاوة محبتنا ولم يجدها وحرم من ذلك الذوق فقل الحمد لله تعالى على ما انعم عليك ياهذا .
بهذه الكلمات وتلك التلميحات ذهب عني الألم برهة وأحسست حينها بنشوة السعادة الأبدية قد فتحت أبوابها , وانطوى عني ذلك الظلام الدامس بعدما طرده نور وجه المحبوب الذي طلع في سماء روحي وقلبي وأنار كل ركن من أركان فؤادي , فاتضحت لي الأفكار وعلمت حينها تمام العلم أن الشيخ سيدي العيد رضي الله عنه شمس الاشماس وبحر يمد البحار مدا , وما أصابني من محبته سوى هبأة أثقلت كاهلي فكيف إذا وضع عني جبل من محبته فهل من ذلك من فرار وإلى أين الفرار منه وغليه فهو بابنا إن فتح سعدنا وغن غلق دوننا هلكنا , وكيف للمحبوب أن يهمل محبوبه هيهات هيهات .