أردت امتحان نفسي في كل شيء فوجدتها بحكمة من الله تعالى تمل كل شيء, إلا شيئا واحدا لم تمله نفسي ولم تشبع عيني من النظر إليه وتشتاق أذني لصوت نفسه الصاعد والنازل وإلى خرخشة نعله عند مسيره, وإلى حنحنته وهنهنته , نظرت إلى روحي فقالت لا تسألني عن محبته فيكفيني ما أعانيه من لوعة الحب والمجاهدة في طلب خدمته والابتدار إلى أمره, إن شئت فاسأل القلب فله في الأمر ما يغني عن البحث , نظرت إلى قلبي فقال أنا سلطان الجسم أنا الآمر والناهي أنا الذي يصلح بي الجميع أو يفسدوا ولكن هيهات ياهذا فلا سلطان لي على محبته, تسرب حبه إلى داخلي ومن يومها وهو ينفخ على جمر الشوق فلا تسألني فإن شئت فاسأل مستشاري في مملكتي ألا وهو العقل نظرت إليه فقال لا تسألني إني بهذا الحب الجارف أصبحت في شرود دائم ولم أعد ذاك المستشار المشير الرزين الذي يحسن في المشورة , فإن شئت فاسأل نفسك ذاتها علك تجد من إجابة شافية وكافية , فنظرت إلى نفسي وقلت هنيئا لك بمحبة هذا السلطان , وهنيئا لجميع جوارحك , فالكل متحد على كلمة واحدة وعلى إحساس وشعور واحد .